الضمنات القضائية التي أقرتها المحكمة الدستورية العليا فى خصومة التحكيم

 

بقلم المستشار / أحمد سيد على بلتاجى ـ عضو النقابة العامة

الضمنات القضائية التي أقرتها المحكمة الدستورية العليا فى خصومة التحكيم

أقرت المحكمة الدستورية العليا عدة أحكام حرصت فيها على الضمنات القضائية فى خصومة التحكيم ولكنها مع ذلك أقرت تفرد الدعوى التحكيمية بأحكام خاصة لا تتطابق مع اجراءات الدعاوى أمام محاكم الدولة وسوف نعرض ذلك من خلال مجموعة من الأمثلة لبعض الأحكام :

أولا : اقرار المحكمة الدستورية العليا لاستمرار هيئات التحكيم فى نظر الدعاوى التحكيمية واصدار الأحكام فيها حتى ولو رفعت الدعاوى بشأن أمام محاكم الدولة :

لم تقبل المحكمة الدستورية العليا الطعن على الفقرة الثانية من المادة (13) من قانون التحكيم الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 والتي تتضمن أن رفع الدعاوى أمام محاكم الدولة لا يحول ” دون البدء فى اجراءات التحكيم أو الاستمرار فيها أو اصدار حكم التحكيم ” وذلك على الرغم من نصوص الدستور ونصوص قانون السلطة القضائية التي تعقد الاختصاص بالفصل فى المنازعات لمحاكم الدولة تأسيسا على اعمال مبدأ سلطان الارادة واتفاق الأطراف على استثناء منازعاتهم من الخضوع لمحاكم الدولة (1) .

ثانيا : اقرار المحكمة الدستورية لقاعدة اختصاص هيئة التحكيم بالفصل فى اختصاصها :

أقرت المحكمة الدستورية العليا فى حكما لها بأن المادة (22) من قانون التحكيم الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 فيما تضمنته من النص على اختصاص هيئة التحكيم بالفصل فى الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها بما فى ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع على الرغم من نصوص الدستور ونصوص الدستور ونصوص قانون السلطة القضائية التي تنص على اختصاص المحاكم تأسيسا على أن ” ارادة المحتكمين اتجهت الى ولوج طريق التحكيم لفض خصوماتهم بدلا من القضاء العادي وأن المشرع ـ قد حجب المحاكم عن نظر المسأل التي يتناولها التحكيم استثناء من أصل خضوعها لولايتها ” (2) .

ثالثا : اقرار المحكمة الدستورية العليا لقصر التقاضي فى التحكيم على درجة واحدة :

أقرت المحكمة الدستورية العليا فى حكم لها بأن سلامة التنظيم التشريعي لقانون التحكيم الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 والذي حظر الطعن فى أحكام التحكيم بمختلف طرق الطعن العادية وغير العادية منها وأن مواجهة الحالات التي يصاب فيها حكم التحكيم بعوار ينال من مقوماته الأساسية ويدفعه الى دائرة البطلان يكون من خلال دعوى البطلان الأصلية بشرط محددة فى شأن حكم التحكيم ” مستصحبة الطبيعة القضائية لهذا الحكم لتسوى بينه وبين أحكام القضاء بصفة عامة ” وأن الطعن بمخالفة نص المادة (54/2) من القانون المذكور التي قصرت الطعن فى أحكام التحكيم على درجة واحدة لمبدأ المساواة أمام القانون لما أحدثه من تمييز فى المعاملة بين من يلجأون الى التحكيم لفض منازعاتهم وبين غيرهم ممن يعرضون منازعاتهم أمام محاكم الدولة طعن مردود بأن المساواة أمام القانون لا تعنى أن تعامل فئات المواطنين على ما بينهم من تمايز فى المراكز القانونية معاملة متكافئة , وأن المشرع يجوز له أن يغير فى تنظيمه لحق التقاضي خاصة وأن مبدأ المساواة أمام القانون ليس مبدأ تلقينيا جامدا منافيا للضرورة العملية وقد هدف المشرع بذلك الى مراعاة ارادات المتحاكمين أنفسهم دون اخلال بالضمنات الأساسية للتقاضي (3) . وبناء عليه يتضح لنا مما سبق أن المحكمة الدستورية العليا قد أقرت ضمنات التقاضي لخصومة التحكيم من خلال ما تم عرضه من أحكام .

(1) حكم المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم (50) و (66) لسنة 22 قضائية دستورية ـ جلسة الخامس عشر من ديسمبر سنة 2002 , مجلة التحكيم العربي ـ العدد الحادي عشر ـ يونيو 2008 ـ ص 16 .
(2) حكم المحكمة الدستورية العليا ـ الدعوى رقم 155 ـ لسنة 20 قضائية دستورية ـ جلسة الثالث عشر من يناير ـ سنة 2002 ـ مجلة التحكيم العربي ـ العدد الحادي عشر ـ سنة 2008 ـ ص 16 .
(3) حكم المحكمة الدستورية العليا ـ الصادر بتاريخ التاسع من مايو سنة 2004 ـ منشور فى مجلة التحكيم العربي ـ العدد الحادي عشر ـ سنة 2008 ـ ص 16 .

اظهر المزيد
google.com, pub-3568495287399510, DIRECT, f08c47fec0942fa0

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى