التحكيم الدولي وطبيعة التعاقد وشرط التحكيم النمطي التموذجي

طبيعة ربط التحكيم بالعقود 

للتحكيم دوراً هاماً في حسم المنازعات التي يمكن ان تثيرها عقود الأستثمارات الأجنبية ، الى درجة يمكن عده القضاء الطبيعي في هذا المجال ، إذ يفضل الأطراف في هذه العقود اللجوء الى التحكيم في حسم منازعاتهم ، ويرجع ذلك الى أسباب عدة يتعلق بعضها بما يتمتع به التحكيم من مزايا تتناسب مع طبيعة منازعات هذه العقود، كما يتعلق البعض الاخر بمخاوف المستثمرين الأجانب من اللجوء الى قضاء الدولة المضيفة للاستثمار ،وعليه ومن اجل بيان ماهية التحكيم في عقود الأستثمارات الأجنبية، “أتفاق الأطراف المتعاقدة في عقود الأستثمارات الأجنبية على أستبعاد  قضاء الدولة المضيفة للأستثمار أوْ أي دولة أخرى في حل النزاع القائم أوْ المحتمل الوقوع بينهما واختيار اشخاص او منظمات ذات خبرة في مجال العلاقة الأستثمارية في حل ذلك النزاع ، على ان يتمتع قرارهم بصفة الالزام “.

أن أطراف التحكيم في عقود الأستثمارات الأجنبية هم ذاتهم أطراف هذه العقود ، فهذه العقود تبرم بين طرفين غير متكافئين أحدهما طرف وطني وهو الدولة،أوْ أحدى الشركات، أوْ المؤسسات، أوْ الهيئات العامة التابعة لها؛ وثانيهما الطرف الاقوى من الناحية الاقتصادية الطرف ألاجنبي الذي يتمثل بالمستثمر الأجنبي، لهذا فقد أقتضى هذا الأمر تقسيم هذا الفرع على نقطتين يحدد في ألاولى الطرف الوطني في عقود الأستثمارات الأجنبية ، في حين تكون الثانية مخصصة لتحديد الطرف الأجنبي فيها .

أن المستثمر الأجنبي في عقود الأستثمار قد يكون شخصاً طبيعياً ،أو معنوياً، أو مجموعة من الاشخاص، و قد يكون الطرف الأجنبي كياناً موحداً، أو عدد من الكيانات الذاتية التي تشترك في النشاط التجاري، او الصناعي، وأحيانًا يكون بينها مؤسسات مالية لتمويل المشروع برأس المال الكافي لأتمام ممارسة نشاطه التجاري، أو الصناعي ، و كثيرًا ما يكون المستثمر الأجنبي شركة تجارية ،وقد يكون قبولها مشاركة الوطنيين بدافع توسيع نشاطها الأستثماري الخارجي، أو تأمين مصادرها  بالمواد ألاولية ،أو لأن المشاركة هي الطريقة الوحيدة لأنشاء هذا المشروع في الدولة المضيفة للأستثمار

هذا ولا يؤثر في طبيعة عقود الأستثمارات أن يكون الطرف الأجنبي المتعاقد مع الدولة شخصاً طبيعياً طالما ان محل العقد و مضمونه يتعلقان بالتنمية الأقتصادية في الدولة المتعاقدة والمساهمة في تطورها ،ولقد جاءت تشريعات الأستثمار المعاصرة في معظم البلدان العربية بالنص صراحة على أمكانية أن يكون المستثمر شخصاً طبيعياً

الأصل أن التحكيم لايتخذ نوعاً واحداً، وأنما يتخذ أنواعاً متعددة، وذلك بحسب الزاوية التي ينظر منها اليه، فمن حيث مدى حرية الأطراف في اللجوء اليه من عدمه يمكن تقسيم التحكيم على أختياري، وأجباري، ومن حيث مدى سلطة المحكمين في الفصل في النزاع المطروح عليهم يقسم على تحكيم بموجب القانون ،والتحكيم طبقاً لقواعد العدل والانصاف ، ومن إذ كيفية أدارته يمكن أن يكون تحكيماً حراً، ومقيداً “مؤسسي”، ومن إذ النظام القانوني الذي ينتمي اليه فيتحدد بالتحكيم الداخلي، والتحكيم الدولي .

ولأستيضاح هذه الانواع مع بيان نوعية التحكيم المتفق عليه بصدد عقود الأستثمارات الأجنبية سنقسم هذا المطلب على فروعٍ أربعة سنخصص الفرع ألاول للتطرق الى التحكيم الاختياري والتحكيم الاجباري وسنعقد الفرع الثاني لتناول التحكيم بالقانون ،والتحكيم طبقاً لقواعد العدل والانصاف ، أما الفرع الثالث فسنبين فيه التحكيم الحر، والتحكيم المؤسسي ،و أخيراً في الفرع الرابع سنحدد التحكيم الداخلي ،والتحكيم الدولي

التحكيم الأختياري و التحكيم الأجباري في عقود الأستثمارات الأجنبية

عادةً يكون اللجوء الى التحكيم إختيارياً، ومن ثم للأطراف الخيار بين أعتماد التحكيم طريقاً لفض النزاع ،أو طرحه على القضاء المختص وهذا ما يسمى بالتحكيم الأختياري إذ يكون التحيكم اختياراً إذا لم يكن اللجوء اليه أمراً مفروضاً على الأطراف المحتكمين “أطراف عقد الأستثمار الأجنبي ” أي إذا كان اللجوء اليه يتم بأرادتهم [1].

فالتحكيم الاختياري هو” طريقة، أو وسيلة ودية لفض المنازعات وتتمثل بطرح النزاع على محكمين مختارين من الأطراف المتنازعة “[2].

والأصل أن التحكيم أختياري ،وليس أجباري إذ يجب على الدولة أن لاتتخلى عن القيام بوظيفتها القضائية وتوجب على الأطراف اللجوء في حل منازعاتهم الى التحكيم ؛لأن ذلك يعد تنصلاً منها من القيام بواجبها في استتباب الامن وتحقيق العدل بين مواطنيها .[3]

ومن ثم فأن التحكيم لا يوجد للفصل في منازعات  الأفراد والجماعات كأساسٍ عام ؛الا بموجب أتفاق، وذلك أعمالاً لمبدأ سلطان الارادة سواء تمثل هذا الأتفاق في عقد وطني أو عقد دولي و هذا النوع من انواع التحكيم يقوم على دعاميتين اساسيتين و هما:

1ـ الارادة الذاتية للأطراف المحتكمين “أطراف الأتفاق على التحكيم “.

2ـ أقرار الأنظمة القانونية الوضعية و على أختلاف مذاهبها و أتجاهاتها لهذه الارادة[4].

أما التحكيم الأجباري فهو الذي ينص المشرع على الالتزام باللجوء اليه بوصفه طريقاً لحل النزاع وهو غالباً ما تسبقه أجراءات للتفاوض نص عليها القانون حتى إذا تعذرت التسوية الودية تعين طرح النزاع على هيأة التحكيم التي نص القانون على تشكيلها والتي تصدر أحكاماً يجري لتنفيذها بالطرق الجبرية بعد وضع الصيغة التنفيذية عليها. [5]

هذا ويعد التحكيم الأجباري طريقاً واجباً سلوكه للخصوم بحيث لا يجوز لهم أطلاقاً اللجوء الى القضاء العادي بخصوص النزاع ،الا بعد طرحه على هيأة التحكيم التي نص عليها المشرع[6]، بمعنى أنه ليس للأطراف خيار فيه ولا يتولد عن أتفاقهم ولاينبع عن أرادتهم ،أو رغباتهم، وانما هو مقرر بنص في القانون ملزم للأطراف ومجبرين على أتباعه[7].

وبالرجوع الى قوانين الأستثمار نلحظ أنها قد جعلت التحكيم إختيارياً للأطراف وهذا ما اخذت به م(27)ف(5) من قانون الأستثمار العراقي رقم 13 لسنة 2006 [8] . وكذلك نصت م(7) من قانون الأستثمار المصري على أنه “يجوز تسوية منازعات الأستثمار المتعلقة بتنفيذ أحكام هذا القانون بالطريقه التي يتم الأتفاق عليها مع المستثمر، أو وفقاً لأحكام قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 ….”

بمعنى ان التحكيم في عقود الأستثمارات الأجنبية يعد من إذ الاساس من قبيل التحكيم الاختياري؛ وذلك لأنه لايفرض على الطرفين ،ولا يتم اللجوء اليه ما لم تتجه ارادتهم اليه، وذلك في أتفاق التحكيم سواء أكان في صورة شرط أم مشارطة للتحكيم. ولكن على الرغم من ذلك قد نصادف بعض الحالات التي يكون فيها التحكيم أجبارياً في اطار منازعات الأستثمار مثل ما نصت عليه م(40) من الشروط العامة لدول (الكوميكون) عام 1968 على ان ” كل المنازعات التي تنجم عن العقد أو تتولد بمناسبة يجب عرضها على التحكيم مع أستبعاد أختصاص المحاكم القضائية العادية بذلك، أو يكون عرضها أمام محكمة  التحكيم المنشأة للنظر في هذه المنازعات في بلد المدعى عليه أو في بلد ثالث عضو في المعونة  الأقتصادية المتبادلة متى أتفق أطراف النزاع على ذلك” [9]

الفــــــرع الــثاني

التحكيم بالقانون والتحكيم طبقاً لقواعد العدالة والانصاف.

يستند هذا النوع من التحكيم على مدى تقيد المحكم عند فصله في النزاع بقواعد القانون الساري في دولة التحكيم، أو عدم تقيده به ، فإذا كان ملزماً بالفصل  في النزاع وفقاً لقواعد القانون فأننا نكون بصدد تحكيم بالقانون، وعندما يكون المحكم معفواً من أتباع القانون  فنكون أمام تحكيم طبقاً لقواعد العدالة والانصاف.

وعادةً يكون الفصل في النزاع على اساس أحكام القانون التي تحكم موضوعه فيمارس المحكم سلطة  القاضي في تطبيق أحكام القانون على النزاع المطروح عليه،ويلتزم بالحدود المرسومة لهذه السلطة وتحقيقاً لذلك يتقدم كل من الطرفين بادعاءته أمام المحكم ، الذي يتحقق بادىء ذي بدىء من مدى صحة الادعاءات من خلال التعرف على وقائع النزاع و أنزال حكم القانون على ما ثبت لديه منها ورفض ما عداه، وادراج كل ذلك في حكمه بصرف النظر عن تقديره لمدى عدالة النتائج التي توصل إليها، كما يفعل القاضي[10]، فالتحكيم بالقانون هو الذي يلتزم فيه المحكم بتطبيق القواعد الأجرائية والموضوعية للقانون الذي يحكم النزاع ،كما يتصور اخضاع كل مراحل التحكيم لقانون واحد ،فمن الممكن ايضاً اخضاع كل مرحلة من مراحله لقانون مختلف، وذلك حسب ارادة المحتكمين[11].

اما التحكيم طبقاً لقواعد العدل والانصاف فهو الذي يعفي المحكم فيه من التقيد بأحكام القانون ويفصل في النزاع،وفقاً لما يراه محققاً للعدالة وصولاً الى حكم يحفظ التوازن بين مصالح المحتكمين حتى لو كان في هذا الحكم مخالفة للأحكام القانون التي تحكم وقائع النزاع والتي يلتزم القاضي بتطبيقها فيما لو عرض النزاع عليه ، ألا أنه مقيد في ذلك  بالالتزام بالمبادئ الاساسية في التقاضي وأهمها أحترام حقوق الدفاع[12].

وسواء أكان التحكيم بالقانون أم طبقاً لقواعد العدل والانصاف، فأن قرار المحكم يتمتع بقوة ألزامية في مواجهة المحتكمين وهو بالوقت نفسه مقيد بمقتضيات النظام العام[13] . هذا وقد أجازت معظم التشريعات المتعلقة بالتحكيم كلا النوعين كقانون المرافعات الفرنسي لسنة 1981 فبعد أن نص في م(1496) على ان يفصل المحكم في النزاع طبقاً لقواعد القانون المختار بوساطة الأطراف ،أو تلك التي يرى المحكم أنها مناسبة في حالة عدم أتفاق الأطراف على القواعد القانونية واجبة التطبيق نص في م(1497) ،على أنه “يفصل المحكم كمحكم مفوض بالصلح إذا ما أتفق الأطراف على ذلك ” [14].

وكذلك القانون الدولي الخاص السويسري لسنة 1978 في م(187) منه إذ نصت ف(1) منها ” تفصل هيأة التحكيم في النزاع وفقاً لقواعد القانون التي اختارها الأطراف أو في حال أنتفاء هذا الخيار وفقاً لقواعد القانون الأكثر أرتباطاً بالقضية ” أما ف(2) فقد نصت على أنه ” يجوز للأطراف أن يفوضوا هيأة التحكيم بالبت بالنزاع وفقاً لقواعد العدل والإنصاف” [15].

وعلى النهج نفسه سار المشرع الهولندي في قانون المرافعات  المدنية الهولندي لسنة 1986 حسب نص م(1036) منه [16].

اما قوانين الأستثمار فنلاحظ أن اغلبها قد أخذت بالتحكيم طبقاً لأحكام القانون ، كقانون الأستثمار العراقي النافذ 2006 في م(27)ف(5) [17]  والقانون المصري للأستثمار إذ نصت الماده (7) منه على “يجوز تسوية منازعات الأستثمار وفقاً لأحكام التحكيم في المواد المدنيه والتجاريه الصادر بالقانون رقم27 لسنة 1994 … “[18].

كما اخذت بكلا النوعين من التحكيم بعض الأتفاقيات الدولية كالأتفاقية الأوربية لسنة 1961 بشأن التحكيم التجاري الدولي إذ بينت م(7) ف(1) من هذه الأتفاقية ان” للأطراف حرية تحديد القانون الذي يجب على المحكمين تطبيقه في موضوع النزاع وأنه في حالة تخلف أي بيان من الأطراف عن هذا القانون يطبق المحكمون القانون المعين  بواسطة تنازع القوانين التي  يرونها ملائمة في القضية” . في حين نصت ف(2) من المادة نفسها على أنه “يفصل المحكمون في النزاع بوصفهم محكمين مفوضين بالصلح إذا رغب الأطراف في ذلك وكان القانون الذي يحكم التحكيم يجيز ذلك” [19].

وكذلك الأمر بالنسبة لأتفاقية واشنطن لعام 1965 المتعلقة بتسوية منازعات الأستثمار إذ نصت م(42) ف(1) منها “أن هيأة التحكيم تفصل النزاع طبقاً لقواعد القانون المتبناة من الأطراف، و في حالة عدم وجود أتفاق بين الأطراف تطبق المحكمة قانون الدولة الطرف في النزاع، وكذلك مبادئ القانون الدولي في هذا الخصوص” ، ونصت ف(3) من المادة نفسها على أنه “يجوز لهيأة التحكيم أن تفصل في النزاع طبقاً لقواعد العدل والانصاف، إذا ما أتفق الأطراف على ذلك “[20].

هذا وان الوضع الغالب أن أطراف عقود الأستثمارات الأجنبية يتفقون على اللجوء الى التحكيم طبقاً لقواعد القانون ويستفيد ذلك من أمرين :

ألاول: أن أتفاق الأطراف على اللجوء الى التحكيم بصدد هذه العقود قد يأتي مطلقاً من دون أن يقترن بتفويض المحكمين صراحةً سلطة الفصل في النزاع طبقاً لقواعد العدل والانصاف ، وإذ أن الأصل في التحكيم أن يكون طبقاً لقواعد القانون ،وأن التحكيم طبقاً لقواعد العدل والانصاف هو الاستثناء، ومما يقتضي معه لزوم أتفاق الأطراف صراحةً على ألاخذ به،والا عد التحكيم المتفق عليه تحكيماً بموجب قواعد القانون[21]. والثاني: قد يتفق الأطراف على القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع مما يترتب عليه عده تحكيماً طبقاً لقواعد القانون.

ولكن هذا لايعني أن التحكيم طبقاً لقواعد العدل والانصاف لم يعرف طريقه الى عقود الأستثمار الأجنبي فهناك بعض العقود قد نصت صراحةً على تفويض المحكمين سلطة الفصل في النزاع طبقاً لقواعد العدل والانصاف، ومثال ذلك العقد المبرم بين الشركة الوطنية الايرانية للبترول والمؤسسة الفرنسية للأبحاث والاستكشافات البترولية عام 1966 إذ بينت م(41) منه على أمكانية لجوء المحكمين الى قواعد العدل والانصاف[22]. وكذلك ما ذهبت اليه محكمة النقض الفرنسية في حكمها الصادر في عام 1994 في قضية تتلخص وقائعها في أن الشركة الفرنسية impex  قد قامت بتصدير كميه من الحبوب الى أربع شركات أيطاليه على أساس تصوير العمليه على أنها بيع الى البرتغال ، وسويسرا، ومنها الى أيطاليا وذلك للافاده من المزايا المقررة من السوق الأوربية المشتركة في حالة التصدير لدول أخرى خارج السوق، مما دعا السلطات الفرنسية الى رفض تراخيص التصدير على أساس الغش . وقد أثيرت مسألة العقود المبرمة مع الشركات الايطالية على أساس أن الاستعانة بدول أخرى خارج المجموعه الأوربية يشكل خرقاً للقانون الفرنسي ، وأخيراً أنتهت المحكمة الفرنسية الى أن بطلان العقود الأصلية لعدم مشروعيتها بسبب الغش لايؤثرعلى صحة حكم المحكم بموجب مبادئ العدل والانصاف استناداً الى شرط التحكيم الوارد في هذه العقود الذي يتعين النظر اليه أستقلالاً.[23]

الفرع الثالث

التحكيم الحر، و التحكيم المؤسسي

ينقسم التحكيم من إذ الجهة التي تقوم به على تحكيم حر و مؤسسي، ويقصد بالتحكيم الحر هو” التحكيم الذي يعهد به الخصوم الى محكم، أو محكمين تم تعيينهم خصيصاً لمناسبة نزاع معين “[24].

ويعد هذا النوع من التحكيم هو النوع التقليدي الذي بموجبه يعهد الأطراف في الحدود التي يسمح بها القانون لشخص من الغير بحسم نزاع ناشيء فيما بينهم و فيه يتم تحديد الأجراءات والقواعد التي تنطبق على النزاع . [25]

أما المؤسسي فيقصد به” أن يعهد الى هيأة التحكيم، او منظمة ،او مركز من مراكز التحكيم الدائمة بمهمة التحكيم وفقاً لقواعد وأجراءات موضوعة سلفاً بهذه الأجراءات”[26]، إذ يتم من خلال مؤسسة متخصصة لها قواعدها الخاصة بها في هذا المجال ،إذ يتم في هذه الحالة وفقاً للقواعد التي تتبعها المؤسسة وهذه القواعد هي التي تحدد كيفية أختيار المحكمين وغالباً ما تعد المؤسسة قائمة تشتمل على اسماء اشخاص متخصصين لهم خبرة ومعرفة بالمعاملات والقوانين وللأطراف المتنازعة أن تختار من تشاء من بين تلك الاسماء ،ولها ايضاً ان تختار ذلك من خارج القائمة الخاصة بتلك المؤسسة والأمر متروك لحرية الطرفين .[27]

وعلى الرغم من ان التحكيم الحر قد سبق في الظهور المؤسسي منه، ألاّ أنه قد قلت أهميته ولم يعد له ألا دوراً قليلاً في الفصل في المنازعات إذ أصبح الأخير هو القاعدة في مجال المعاملات الدولية خاصةً، وذلك لعدم وجود أشراف أوْ رقابة من منظمة للتحكيم الحر،الأمر الذي قد يؤدي الى عدم دقة الأحكام الصادرة منه [28].

ونظراً لاهمية التحكيم المؤسسي في مجال المعاملات الدولية فقد نشأت العديد من المراكز والمؤسسات ذات الطابع الدولي وأهمها المحكمة الدولية للتحكيم، وغرفة التجارة الدولية بباريس وهيأة التحكيم الدولي في لندن، والمركز الدولي لفض المنازعات الناشئة عن الأستثمار بواشنطن ،والمركز الاقليمي للتحكيم التجاري بالقاهرة .[29]

هذا وقد أقرت أغلب القوانين الوطنية التحكيم بنوعيه المؤسسي والحر، من دون ادنى تفرقة بينهما إذ أخذ بكلا النوعين قانون المرافعات الفرنسي 1981 في م(1451) منه. وكذلك القانون الدولي الخاص السويسري في م(167) ف(3)منه ، وقانون المرافعات الهولندي الذي أجاز ذلك في م(1023) منه.

ولقد اخذ القانون المصري للاستثمار بكلا النوعين في م(7) إذ أنه نص بجواز اللجوء الى التحكيم؛ وذلك وفقاً لأحكام قانون التحكيم المصري، او أمام مركز القاهرة الأقليمي للتحكيم التجاري الدولي، وهذا يعني أنه أجاز اللجوء الى التحكيم الحر والمؤسسي استناداً لما قررته م (4) ف(1) من قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 التي نصت على ” ينصرف لفظ التحكيم في حكم هذا القانون الى التحكيم الذي يتفق عليه أطراف النزاع بأرادتهما الحرة سواء أكانت الجهة التي تتولى أجراءات التحكيم بمقتضى أتفاق الطرفين ،منظمة أم مركز دائم للتحكيم أم لم يكن كذلك “.[30]

وكذلك بالنسبه لقانون الأستثمار العراقي رقم 13 لسنة 2006 إذ أنه بين في نص م(27)ف(5) جواز حل النزاعات عن طريق التحكيم وفقاً لأحكام القانون العراقي ، وعند الرجوع الى أحكام قانون المرافعات العراقي نلاحظ أنه قد اجازاللجوء الى التحكيم بكلا نوعيه وذلك بحسب م(251) منه.

هذا ولقد اقرت معظم الأتفاقيات الدولية التحكيم بنوعيه المؤسسي والحر من دون تمييز بينهما في المعاملة، وفي هذا الصدد نذكر منها أتفاقية نيويورك بشأن تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية عام 1958 فقد نصت م(1)ف(2) من هذه الأتفاقية على ” يقصد بأحكام التحكيم ليس فقط الأحكام الصادرة من  محكمين معينين للفصل في حالات محددة، بل ايضاً الأحكام الصادرة من هيئات التحكيم الدائمه”

وهو ما اخذت به الأتفاقية الأوربية لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية لعام 1961 ،إذ نصت م(1) ف (2) منها على ان “يقصد بالتحكيم تسوية المنازعات ليس بوساطة محكمين معينين للفصل في حالات محدده ، بل ايضاً بوساطة محكمين معينين بواسطة هيئات التحكيم الدائمة “.

هذا ويحتل التحكيم المؤسسي أهمية كبيرة ترجع الى المزايا التي يحققها للمحتكمين والتي تتمثل بما يأتي :

1ـ  ان هيئات ومنظمات و مراكز التحكيم الدائمة لديها قوائم بأسماء المحكمين، أوْ المتخصصين في مختلف أنواع المنازعات، ومن ثم يستطيع المحتكمون أختيار محكميهم منها، وهذا ما يجنبهم مشقة البحث عن المحكم المناسب خاصة إذا ما تعلق الأمر بمسائل فنية يحتاج فهمها الى خبرة خاصة لا تتوفر على نطاق واسع.

2ـ أمتلاك هذه الهيئات والمنظمات لوائح معدة بالأجراءات التي تجري التحكيم لديها على أساسها وهي عادةً أجراءات بسيطة، وسريعة، وغير مكلفة تسير مسيرة التحكيم من دون أن تخل بأساسيات التقاضي، وهذا ما يجنب المحتكمين مؤنة الأتفاق على الأجراءات الواجبة الاتباع أمام المحكم.

3ـ أن المنظمة أوْ المركز المختص بالتحكيم يجري التحكيم في مقره ما لم يبين أنه بحاجة الى اختيار مكان أخر بالنظر لظروف النزاع ، وهذا ما يكفي المحتكمين عبء الأتفاق على مكان التحكيم ، ومن ثم يجنبهم تنازع القوانين، ولا يخفي ما قد يكون للمكان المختار من أثر على التحكيم باعتبار أن قضاء البلد الذي يتم فيه التحكيم يكون مختصاً في الفصل في العوارض التي تقابله ، وذلك عند الطعن بحكمه[31].

ومما تجدر الاشاره اليه أنه على الرغم من هذه المزايا التي يمتاز بها التحكيم المؤسسي الا أنه لم يكن السبيل الوحيد الذي يحتكم اليه أطراف العلاقة الأستثماريه، وان كان هو الوضع الغالب عندهم ، وهو ما يمكن ملاحظته من نص البعض من العقود الأستثمارية صراحةً على اللجوء الى التحكيم المؤسسي في حالة نشوء أي نزاع بخصوصه كالعقد المبرم بين الحكومة المصرية والشركة الاسبانية المصرية للغاز ” سيجاس” سنة 2001 لأنشاء وتشغيل واعادة تسليم رصيف بحري بترولي مخصص في ميناء دمياط بنظام b.o.t الذي نص في البند الثاني عشر منه على ان “المنازعات الناشئة عن هذا الترخيص يتم تسويتها طبقاً لقواعد التحكيم المعمول بها في مركز القاهرة للتحكيم التجاري الدولي بالقاهرة ، ويعد قرار المحكمين ملزماً ونهائياً للطرفين، ويتم التحكيم باللغة الانكليزية وتنطبق أحكام القانون المصري ويكون عدد المحكمين ثلاثة يعين كل طرف محكماً عنه ، وإذا لم يقم المدعى عليه كتابةً بأخطار أسم المحكم الذي عينه خلال 30 يوماً من أستلام أخطار المدعي قبله فيقوم المركز بناء على طلب المدعي بتعيين المحكم الثاني “[32].

وكذلك ما نصت عليه م(42) ف(2) من العقد المبرم بين المؤسسة المصرية العامة للبترول وشركة فيلبس الأمريكيه عام 1963من أن ” أي نزاع ينشئ بين فيلبس والمؤسسه يقوم  بالفصل فيه ثلاثة محكمين طبقاً للائحة التحكيم والمصالحة الخاصة بالغرفه التجارية الدولية “.[33]

في حين اتبعت عقود أخرى ألاخذ بأسلوب التحكيم الحر لحل ما ينشأ عنها من نزاعات كالعقد المبرم بين الحكومة اللبنانية ، واحدى الشركات الفرنسية الخاصه في 18/11/1994 من اجل تنفيذ ما يسمى الاتوستراد العربي الذي ورد فيه من أن فض الخلافات الناشئة عنه يكون خاضعاً للتحكيم، وفقاً لدفتر الشروط وملاحقه، مع تطبيق أحكام نظام لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (يونسترال) على أن يحصل التحكيم في بيروت باللغة الفرنسية، وعلى ان يطبق القانون اللبناني في اساس الموضوع[34].

 

الفرع الرابع

التحكيم الدولي والتحكيم الداخلي

ان لتحديد نوعية التحكيم فيما إذا كان تحكيماً دولياً إوْ داخلياً أهمية كبيرة لما يترتب عليه من نتائج بالغة الخطورة في نواحي عدة ،أولها أنه يتوقف على نوع التحكيم تحديد القانون الواجب التطبيق إذ ان وصفه بأنه داخلي يستتبع بالضرورة تطبيق أحكام القانون الداخلي ،الأمر الذي يختلف عنه في التحكيم الدولي الذي يقتضي البحث عن القانون الواجب التطبيق[35]،كما ان تحديد المحكمة القضائية المختصة بنظر بعض المسائل المتعلقة بالتحكيم يتوقف على تحديد ما إذا كنا بصدد تحكيم داخلي أو دولي .[36]

ومن ناحيه أخرى فأن مجال اعمال فكرة النظام العام تختلف اختلافاً كبيراً فيما إذا كان الأمر يتعلق بتحكيم داخلي أوْ دولي، وذلك لما لهذه الفكرة من مجال أضيق في النوع الثاني عنه في ألاول[37]، كما أن تنفيذ أحكام التحكيم التي تعد اهم مرحلة من مراحله تتم وفقاً لأجراءات معينة وهذه الأجراءات تختلف من دولة الى أخرى كما أنها تختلف في الدولة الواحدة فيما إذا كانت تتعلق بتحكيم داخلي أوْ دولي، فضلاً عن ان هناك أتفاقيات دولية تحكم تنفيذ أحكام التحكيم الدولي من دون الداخلي[38].

وبطبيعة الأمر فقد قادت النتائج أعلاه الى ان ينال تحديد المعيار الذي يمكن بموجبه وصف التحكيم بكونه تحكيماً دولياً أوْ داخلياً ،أهتمام الفقه الذين أتجه البعض منهم الى القول بأن المعيار الذي ينبغي اعتماده لتحديد هذا الأمر، هومعيار قانوني وفقاً له تعد العلاقة دولية عندما تنطوي على عنصر اجنبي او اكثر[39] .فالعقد الدولي هو الذي يشمل عنصراً اجنبياً مهما كان هذا العنصر كأن يكون أحد الأطراف أجنبياً ،أوْ أن يكون العقد ابرم في الخارج أوْ أنْ يتم تنفيذه في دولة غير الدولة التي تم فيها العقد ، فلكل علاقة قانونية عناصر ٍ ثلاثة ، ألاول سبب العلاقة، والثاني هو موضوع العلاقة ، والثالث أطرافها ، واي عنصر من هذه العناصر إذا تطرقت اليه الصفة الأجنبية كان العقد دولياً[40].وعلى ضوء ذلك ووفقاً لهذا المعيار فأن العلاقة في عقود الأستثمارات الأجنبية تعد دولية وذلك بسبب لكون المستثمر الأجنبي من جنسية تختلف عن جنسية الدولة المضيفة للاستثمار . وفي المعيار القانوني فإن العلاقة تعد دولية مهما كان العنصر الذي يتخلل العلاقة سواء أكان فعال أم غير فعال، وغير مؤثر .

ولقد انتقد هذا المعيار لكونه يؤدي الى تطبيق القانون بشكل آلي وجامد ، إذ يطبق بموجبه القانون الأجنبي كلما ارتبط بعنصر من عناصر العلاقة ، في حين أن العنصر الأجنبي قد يكون امراً عارضاً لاعلاقة له بالتجارة الدولية أوْ مصالحها، إذ قد يكون تطرق الصفة الأجنبية للعلاقة العقدية ذات طابع نسبي ،فما يكون مؤثراً في عقد قد لايكون كذلك في عقد اخر [41].

وهناك من ذهب الى معيار القانون الواجب التطبيق بالنسبة للأجراءات الخاصة بالتحكيم ، فإذا كان هذا القانون هو القانون الداخلي فأن التحكيم يعد داخلياً أما إذا كان القانون أجنبياً ،أوْ إذا كانت هذه الأجراءات مستمدة من نصوص أتفاقيات دولية أوْ أجنبية عندها يعد التحكيم دولي[42] . ولكن للانتقادات العديدة التي وجهت الى هذا المعيار ،ومنها ان أحتمال سير أجراءات التحكيم في دول عدة سيقود الى تعدد القوانين التي تحكم أجراءاته نتيجة لتنقل المحكمين بين دول عدة ، ومن ثم كيف سيمكن تحديد دوليته من عدمه بالنسبة للمحكم الذي طبق قانون بلده مع القوانين الأخرى[43].

ولهذا اتجه اخرون الى تحديد هذا الميعار لمعرفة صفة التحكيم بمكان صدور قرار التحكيم فإذا صدر داخل الدولة يعد داخلياً ،أما إذا صدر خارج الدولة فيعد دولياً [44]. وان كان قد أُخذ على هذا القول عدم دقته، خاصة في الحالات التي يعين الأطراف فيها مكاناً للتحكيم ويطبقون قانون أخر غير قانون دولة المكان المختار وعندها يعد التحكيم أجنبياً بالنسبة للدولة التي جرى على أقليمها التحكيم بسبب تطبيق القانون الأجنبي .[45]

في حين أخذ البعض بمعيار جنسية الأطراف أوْ محال اقامتهم أوْ جنسية المحكمين لتحديد صفة التحكيم إذ يعد التحكيم دولياً إذا ما اختلفت جنسية الخصوم ،أوْ محال اقامتهم، أوْ جنسية المحكمين ،وعلى العكس من ذلك يكون التحكيم داخلياً ،إذا ما توافقت جنسية الخصوم، أوْ محال اقامتهم، أوْ جنسية المحكمين[46] .

وأخيراً ذهب جانب من الفقه الى عد التحكيم داخلياً متى ما كانت كل عناصر موضوع النزاع الذي يحل بالتحكيم وطنية ،ويخضع هذا التحكيم للقانون الوطني وحده، أما التحكيم الدولي فهو التحكيم الذي يهدف الى حل المنازعات المالية ذات الطابع الدولي، أي المنازعات التجارية المشتملة على عنصر أجنبي[47] .

ولقد أخذ قانون المرافعات الفرنسي بالأتجاه الاخير إذ عد التحكيم دولياً إذا ما تعلق بالمصالح التجارية الدولية، وهذا ما نصت عليه م(1492) منه بأنه “يعد دولياً التحكيم الذي يضع في ميزأنه مصالح التجارة الدولية[48]“. واعمالاً لهذا النص قضت محكمة أستئناف باريس  في حكمها الصادر في 5 ابريل لسنة 1990 بأنه لكي يكون التحكيم دولياً “يكفي في هذا الصدد أن تتضمن العملية الاقتصادية انتقالاً للأموال ،أوْ الخدمات ،أوْ لمصالح عبر الحدود، وفي المقابل فأن جنسية الشركات المعنية والقانون الواجب التطبيق على العقد أو التحكيم وكذلك مكان التحكيم لا يكون له اي أثر في هذا الشأن”[49] . وفي قضية أخرى هي قضية (mardele) ، التي تتلخص وقائعها في عقد بيع أبرم بين فرنسيين موضوعه تصدير كمية من القمح من دولة تشيلي الى فرنسا، وقد تضمن العقد شرط تحكيم يقضي بأن يحل النزاع وفقاً لشروط جمعية لندن لتجارة الحبوب ،ألا ان محكمة باريس قررت بطلان شرط التحكيم الذي يقضي بان يحل النزاع،وفقاً لشروط جمعية لندن لتجارة الحبوب بحجة أن العقد لا يعد دولياً لكونه قد أبرم في فرنسا وأن أطرافه يحملون الجنسية الفرنسية ،ومكان الدفع والتنفيذ هو فرنسا ومن ثم فأنه يخضع لأحكام القانون الفرنسي ،ولا يمكن أن يتحرر من القواعد الأمرة فيه التي تقرر بطلان شرط التحكيم الوارد في العقود الوطنيه ، بيد ان محكمة النقض الفرنسيه نقضت الحكم السابق وقضت بصحة شرط التحكيم لكونه وارداً بصدد عقد دولي ،وأستندت في تقريرها الدولية أنه يتصل بمصالح ومقتضيات التجارة الدوليه”[50].

وهذا ما اخذت به ايضاً بعض أحكام التحكيم في عقود الأستثمارات الأجنبية كالحكم الصادر في 4 تموز 1972 المتعلق بإقرار صحة شرط التحكيم في عقد ابرم في هولندا بين شركة هولندية وفرنسي الجنسية ، اصبح وكيلاً لها في فرنسا لتسويق منتجاتها وقد اعتمدت هيأة التحكيم على ارتباط العلاقة بالتجارة الدولية لعد التحكيم دولياً. وفي حكم أخر في قضية شركة نفط كاليفورنيا الآسيوية وشركة نفط تكساس عبر الحدود الليبية في عام 1981 عندما قال المحكم ” من غير المشكوك في كون عقود الأمتياز محل النزاع عقوداً دولية سواء من الناحية الاقتصادية او القانونية لأنها تمس مصالح التجارة الدولية، ولأنها تتضمن عناصر أرتباط بدول مختلفة”[51].

وهو النهج ذاته في القانون المصري[52]، الذي عد التحكيم دولياً إذا ارتبط أي عنصر من عناصر العلاقة القانونية بالصفة الأجنبية ،وذلك حسب نص م(3) من قانون التحكيم المصري  النافذ [53].

أما بالنسبة للقانون العراقي فالبرجوع الى قانون الأستثمار العراقي رقم 13 لسنة 2006 الذي نص في م(27) ف(4) منه على “إذا كان أطراف النزاع خاضعاً لأحكام هذا القانون يجوز لهم عند التعاقد الأتفاق على آلية حل النزاع بما فيها الالتجاء الى التحكيم، وفقاً للقانون العراقي، او أي جهه أخرى معترف بها دولياً “.يتضح أنه قد أخذ بالنوعين معاً ، فعبارة (او أي جهه أخرى معترف بها دولياً ) تعني أنه يجوز اللجوء الى التحكيم الدولي لغرض حل النزاع الأستثماري، اما قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ فنلاحظ أنه خصص ست وعشرين مادة من م(251-276) لتنظيم امور التحكيم من الأتفاق عليه لحين صدور الحكم وتنفيذه من دون ان توجد اي اشارة الى التحكيم الدولي، وأنما تقتصر تلك الأحكام على التحكيم الذي يجري في العراق وأن كان بين أطراف اجانب، إذ أنه حتى وأن كان موضوع النزاع يتعلق بالتجارة الدولية وكان كلا أطراف النزاع أوْ أحدهم من الاجانب فان القانون العراقي يعد التحكيم داخلياً ما دام يتم في العراق [54].

أما بالنسبة لأتفاقيات التحكيم فقد نصت م(1) من أتفاقية نيويورك لعام 1958 لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية أن أحكام الأتفاقية تطبق على قرارات المحكمين الصادرة في أقليم دولة غير التي يطلب منها الاعتراف وتنفيذ الأحكام على اقليمها، أي أن الأتفاقية  قد اخذت بمكان صدور القرار لتحديد مدى دوليته.

أما الأتفاقية الأوربية حول التحكيم التجاري الدولي لسنة 1961  فقد نصت في م(1) منها على أنها تسري على ” أتفاقات التحكيم المبرمة لتسوية المنازعات الناشئة ،أوْ التي ستنشأ عن عمليات التجارة الدولية بين الاشخاص الطبيعية، أوْ المعنوية التي تقع محل أقامتها أو مقرها في دول متعاقدة مختلفة لحظة أبرام الأتفاق “.[55]

مما يتضح معه أنها تشترط لاكتساب التحكيم الصفة الدولية أن تكون المنازعات متعلقة بالتجارة الدولية وان يكون محل اقامة الأطراف ،أو مقرهم في دول مختلفة وذلك لحظة ابرام أتفاق التحكيم. وبالأتجاه نفسه أخذت أتفاقية واشنطن لتسوية المنازعات المتعلقة بالأستثمارات الأجنبية لعام 1965 في نص م(25) منها .[56]

وفي العقود محل البحث يكون التحكيم دولياً وذلك بسبب وجود العنصر الأجنبي المتمثل بالمستثمر الأجنبي المتعاقد مع الدوله المضيفه للاستثمار أوْ أحد الأجهزة التابعة لها،وكذلك قد يكون التحكيم داخلياً ،وذلك في حالة أتفاق الأطراف في عقود الأستثمارات الأجنبية على تطبيق أحكام القانون الداخلي في الدولة المضيفة للاستثمار وعليه فلا يقتصر التحكيم على نوعٍ واحد وانما يشمل كلا النوعين، وذلك تبعاً للجهه التي تنظر به والقانون الذي يحكمه .

[1] د.أحمد أبو الوفا ، التحكيم الاختياري والاجباري ، ط5 ، منشأة المعارف، الاسكندرية ،1988،ص39 .

[2] د. شعيب أحمد سليمان ، التحكيم في منازعات تنفيذ الخطة الاقتصادية ، من دون اسم مطبعة ، بغداد ،1981 ، ص12 .

[3] د.سراج حسين ، التحكيم في منازعات البترول ، منشأة المعارف ، الاسكندرية ،2004 ،ص144.

[4] د.محمود السيد عمرالتحيوي ، مفهوم التحكيم الاختياري والاجباري ، منشأة المعارف ،الاسكندرية،2001 ، ص76.

[5] د.علي عوض حسن ، التحكيم الاختياري والاجباري في المنازعات المدنية والتجارية ، منشأة المعارف  ، الاسكندرية ، 2004 ، ص20 .

[6] خالد عزت المالكي ، التحكيم ، مؤسسة النوري للطبع والنشر ، دمشق ،2003 ، ص125.

[7] د.محمود السيد عمر التحيوي ، التحكيم الاختياري والاجباري ، منشأة المعارف الاسكندرية، 2003 ، ص76 .

[8] ينظر بالأتجاه ذاته م(26) من قانون الأستثمار السوري،وم(24) من قانون تنظيم رأس المال الأجنبي الليبي ،وم(40) من قانون رقم 1 لسنة 1998 بشأن تشجيع الأستثمار في فلسطين ، وم(11)من قانون تنظيم استثمار رأس المال الأجنبي في النشاط الاقتصادي القطري رقم 13 لسنة 2000 ، وم(17) من قانون الأستثمار الجزائري ،وم(16) من قانون رقم 8 لسنة 2001  في شأن تنظيم الأستثمار المباشر لرأس المال الأجنبي الكويتي .

[9] أشار اليها ، د.سراج حسين ، مصدر سابق ، ص145.

[10] د.عبد القادر الطورة ، قواعد التحكيم في منازعات العمل الجماعية ، المطبعة الفنية الحديثة،مصر ،1988،ص66 ،67.

[11] د.مهند أحمد الصانوري ، دور المحكم في خصومة التحكيم الدولي الخاص ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،2005 ، ص47.

[12] د.محسن شفيق ، القانون التجاري الدولي ،دار النهضه العربيه ، القاهره ،1997،ص85 .

[13] د.مصطفى محمد الجمال ، د.عكاشة عبد العال ، التحكيم في العلاقات الدولية الخاصة، ط1 ،منشأة المعارف ، الاسكندرية ،1988،ص109 .

[14] ينظر قانون المرافعات الفرنسي لسنة 1981 منشور باللغة الانكليزية على  شبكة الانترنيت على الموقع الالكتروني   http/www.jus.uio.no/lm/france .arbtration.code.of.civil.procedure.1981/do.

[15] ينظر القانون الدولي الخاص السويسري  لعام 1978 على الموقع الالكتروني

http/www.admin.com

[16] ينظر م(1036) من قانون المرافعات الهولندي .

http//www.jus.uio.no/IM/netherLands.arbitration.act.1986/doc .

[17] وعلى النهج نفسه ذهب قانون الأستثمار لأقليم كوردستان في م(17). اما قانون المرافعات العراقي النافذ فقد نصت م(265 ) منه على أنه ” يجب على المحكمين أتباع الأوضاع والأجراءات المقررة في قانون المرافعات إلاّ إذا تضمن الأتفاق على التحكيم أوْ أي أتفاق لاحق عليه اعفاء المحكمين صراحةً أوْ وضع أجراءات معينه يسير عليها المحكمون ” .

 

[18] ينظر الأمر ذاته في م(24) من قانون تنظيم رأس المال الأجنبي الليبي ،وم(40) من قانون رقم 1 لسنة 1998 بشأن تشجيع الأستثمار في فلسطين ،وم(26) من قانون الأستثمار السوري ،وم(11) من قانون تنظيم استثمار رأس المال الأجنبي في النشاط الاقتصادي القطري رقم 13 لسنة 2000 ،وم(17) من قانون الأستثمارالجزائري، وم(16) من قانون رقم 8 لسنة 2001  في شأن تنظيم الأستثمار المباشر لرأس المال الأجنبي الكويتي . اما بالنسبة لقانون التحكيم المصري النافذ فيلاحظ أنه بعد أن نص في م(39) ف(1،2) على ان تفصل هيأة التحكيم في النزاع طبقاً للقواعد القانونية التي يتفق عليها الطرفان أو القواعد الموضوعية في القانون الذي  ترى هيأة التحكيم أنه الاكثر اتصالاً بالنزاع إذا لم يتفق الطرفان على القواعد القانونية واجب التطبيق على موضوع النزاع ، نص في ف(4) من المادة نفسها على أنه “يجوز لهيأة التحكيم إذا أتفق طرف التحكيم صراحةً على تفويضها بالصلح أن تفصل في موضوع النزاع على مقتضى قواعد العدالة والانصاف من دون التقييد بأحكام القانون”.

[19] http/www.law.berkeley.edu/facalty/ddcaron/documents/rpid%20documents/rpo4012

[20] ينظر أتفاقية واشنطن لتسوية نزاعات الأستثمار على الموقع الالكتروني http/www.jus.uio.no/lm/europe.international.commercial.arbitration.convention.genev.1961/doc

 

[21] ينظر بذات الأتجاه م(18) من العقد المبرم بين موريتانيا وشركتي  planet oil et unversal corporattion اشار اليها د. بشار الاسعد ، مصدر سابق ، ص78 .

[22] ينظر د . بشار محمد الاسعد ، مصدر سابق ، ص79  .

[23] أشار اليها د. أشرف عبد العليم الرفاعي ،التحكيم في العلاقات الخاصه الدوليه،دار الكتب القانونيه،مصر،2006 ،ص58.

[24] د.أحمد خليل،قواعد التحكيم،منشورات الحلبي الحقوقيه،بيروت،2003 ،ص22 .

[25] د.نبيل اسماعيل عمر ،التحكيم في المواد المدنية والتجارية ،دار النهضة العربية ،2004،ص 30 .

[26] د.مصطفى محمد الجمال،د.عكاشة عبد العال ،مصدر سابق ،ص127.

[27] د.فوزي محمد سامي ،التحكيم التجاري الدولي ،ط1 ،بيت الحكمة ، بغداد ،1994 ،ص137.

[28] د.أبو زيد رضوان ،الاسس العامة في التحكيم التجاري الدولي ،منشأة المعارف ، الاسكندرية ،1971 ، ص22 .

[29]  د. صفوت أحمد عبد الحفيظ ،مصدر سابق ،ص 355.

[30] ينظر بالأتجاه ذاته م(11) من قانون تنظيم استثمار رأس المال الأجنبي في النشاط الاقتصادي القطري رقم 13 لسنة 2000 ، وم(17) من قانون الأستثمار الجزائري، وم(24) من قانون تنظيم رأس المال الأجنبي الليبي ، وم(26) من قانون الأستثمار السوري.

[31] لزيادة في التفصيل عن مزايا التحكيم المؤسسي ينظر د. فوزي محمود سامي ،مصدر سابق ،ص143 ود. نبيل أسماعيل محمد ،مصدر سابق ،ص128 ود.مصطفى محمد الجمال ود .عكاشة عبد العال ، مصدر سابق ،ص127.

[32] أشار اليها د.بشار الاسعد ،مصدر سابق ،ص363 و 364 .

[33] أشار اليها د.سراج حسين ،مصدر سابق ،ص179 .

[34] أشار اليها د.بشار الاسعد ،مصدر سابق ،ص36.

[35] د.أبراهيم أحمد أبراهيم ،القانون الدولي الخاص ،ط2،دار النهضة العربية القاهرة ،1997 ،ص43 و 42 .

[36] ينظر م (9) ف(1) من قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 .

[37] فعلى سبيل المثال قابلية النزاع للتسوية بطريق التحكيم يمكن أن لا تكون مبرراً لعدم تنفيذ حكم التحكيم إذا لم يكن بالحكم مساس واضح وجدي بالنظام العام وذلك بصدد أحكام التحكيم الأجنبية، ويرجع ذلك أنه ليست كل قاعدة أمرة تتعلق بالنظام العام في القانون الداخلي، تعد من النظام العام في مجال العلاقات الدوليه.ينظر د.    سراج حسين،مصدر سابق،ص155.

[38] د .ابراهيم أحمد ابراهيم ، مصدر سابق ،ص47

[39] ينظر د.منير عبد المجيد ،تنازع القوانين في علاقات العمل الفردية ، منشأة المعارف ، الاسكندرية، 1992،ص20 ود. ثروت حبيب ، دراسة في قانون التجارة الدولية ، منشأة المعارف ، الاسكندرية، ص419 .

[40] ينظر د. أحمد عبد الكريم سلامه، المختصر في قانون العلاقة الدولية ، ط1، دار النهضة العربية ، 1987 ، ص16. ود. فريد فتيان ، تنازع القوانين من إذ المكان ، بحث منشور في مجلة القضاء ، صادرة عن نقابة المحامين في بغداد ، العدد الثاني والثالث ، السنة الحادية عشرة ،كانون الثاني ،1953، ص19 .

[41] ينظر في هذه الانتقادات خليل ابراهيم خليل ، القانون الواجب التطبيق على سند الشحن في القانون الدولي الخاص ، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون في جامعة الموصل ، سنة 2005 ، ص67 .

[42] من القائلين بهذا المعيار د .ابراهيم أحمد ابراهيم ،مصدر سابق ،ص60 ،ود .عز الدين عبد الله ، القانون الدولي الخاص ، ج1 ، الجنسبة والموطن وتمتع الاجانب بالحقوق ، ط1 ، مطابع الهيأة المصرية العامة للكتاب ، 1986، ص160 .

[43] د. حسني المصري، التحكيم التجاري الدولي ، دار الكتب القانونية ، مصر ، 2006 ،ص37  .

[44] ينظر د.هشام علي صادق ،القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية ، دار الفكر الجامعي ، الاسكندرية ، 2001 ، ص75 . ود. محمود محمد ياقوت ،حرية المتعاقدين في القانون الواجب التطبيق ،منشأة المعارف ،الاسكندرية ،2000 ،ص61.

[45] د. حسني المصري ، مصدر سابق ،46 .

[46] د.أشرف عبد العليم الرفاعي ، مصدر سابق ،ص221  ود. هشام علي صادق ، القانون الواجب التطبيق على عقود التجاره الدولية ، مصدر سابق ، ص52 .

[47] للزيادة في الاطلاع حول هذه المعايير ينظر د. مصطفى محمد الجمال ود.عكاشة عبد العال ، مصدر سابق ،ص300 وما بعدها  ود. فوزي محمد سامي ،مصدر سابق ،ص188 وما بعدها .

[48] قبل صدور قانون المرافعات الفرنسي الحالي لسنة1981 كان السائد الاكتفاء بتوافر العنصر الأجنبي في العلاقة الأصلية التي أبرم الأتفاق بصددها سواء أكان هذا العنصر متأتياً من اختلاف جنسية المتعاقدين أمْ مواطنهما أمْ واقعتها المنشأة او مكان وجود المال ليعد التحكيم دولياً، إذ قضت محكمة النقض الفرنسية في حكمها الصادر عام 1980 في قضيةtradieu poul  والتي تتعلق وقائع النزاع فيها بعقد أبرم في باريس في 8 يوليو 1977 بين شركة فرنسية (bourdun) والسيد(trdieu) الفرنسي الجنسية وبموجبه أوكلت الشركة للأخير بأن يمثلها لغرض بيع منتجاتها في كولمبيا، وقد أدرج في هذا العقد شرط تحكيم يشير الى اختصاص محكمة غرفة التجارة الدولية في باريس لفض الخلافات التي قد تنشأ عن هذا العقد ، بيد أن الشركة تجاهلت هذا الشرط و رفعت الأمر الى القضاء الفرنسي مما دعى السيد (( trdieu الى الدفع بعدم أختصاصها أستناداً الى شرط التحكيم الوارد في العقد،وقد قبلت المحكمة هذا الدفع وقررت عدم أختصاصها لكون العقد يعد دولياً وأن شرط التحكيم الوارد  بضمنه يعد صحيحاً تبعاً لذلك، ألا أن الشركة طعنت بهذا الحكم أمام محكمة الاستئناف التي نقضت الحكم بحجة أن الحكم لا تتوفر له الصفة الدولية لكون العقد قد أبرم في فرنسا وأن طرفيه يحملان الجنسية الفرنسية وأنهما أقرا خضوع النزاع للقانون الفرنسي، كما أن عملة الوفاء هي الفرنك الفرنسي واللغة التي كتب بها العقد هي الفرنسية و من ثم فان الشرط  يعد باطلاً لوروده بصدد علاقة وطنية وأن الاختصاص بنظر النزاع المترتب عن العقد يدخل في أختصاص محكمة باريس الابتدائية “.

اشار اليه حميد فيصل ، مصدر سابق ، ص14 .

[49] أشار اليه د.سراج حسين ،مصدر سابق،ص166.

    Francois Rigaux، Droit Intrational prive، Brouxelles،1987،p.138                              [50]

وقد اتبعت محكمة استئناف باريس في حكمها الصادر في 9 تشرين الثاني 1984 النهج نفسه حينما انتهت الى دولية العقد المبرم في السويد بين شركة سويدية وفرنسي تم بمقتضاة تخويل هذا الاخير الحق في تسويق منتجات الشركة في فرنسا بوصفه وكيلاً عنها واستندت المحكمة في تقرير دولية العقد الى كونه قد ابرم في الخارج مع شركة اجنبية ، وهو ما يفيد توافر المعيار القانوني المستمد من العناصر الأجنبية التي تتضمنها العلاقة الأستثمارية واشارت المحكمة في معرض تأكيدها لدولية العقد ايضاً الى ما ستؤدي اليه العملية  العقدية من تشجيع التصدير الى فرنسا لبضائع تم انتاجها في دولة اجنبية وهو ما يعني تحقق مصالح التجارة الدولية . اشار اليه د. هشام خالد ، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية ، مصدر سابق ، ص93-94 .

[51] اشار اليها خليل ابراهيم خليل ، مصدر سابق ، ص71 .

[52] ينظر الأمر ذاته في قانون التحكيم التجاري الدولي رقم 9 لسنة 1994 البحريني م(1) وم(48) من قانون التحكيم التونسي رقم 42 لسنة 1993 وم(458) من قانون الأجراءات المدنية الجزائري رقم 93 لسنة 1993 وم (1) من مشروع قانون التحكيم السوري لسنة 2006 .

[53] تنص م(3) من قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 على  “يكون التحكيم دولياً في حكم هذا القانون إذا كان موضوعه نزاعاً يتعلق بالتجارة الدولية وذلك في الاحوال الآتية:-=

=1ـ إذا كان المركز الرئيسي لأعمال كل من طرفي التحكيم يقع في دولتين مختلفتين  وقت ابرام أتفاق التحكيم فإذا كان لأحد الطرفين مراكز عديدة ،  فالعبرة بالمركز الاكثر أرتباطاً بموضوع أتفاق التحكيم و إذا لم يكن لأحد طرفي التحكيم مركز أعمال فالعبرة بمحل اقامته المعتاد .

2ـ إذا اتفق طرفا التحكيم على اللجوء الى منظمة تحكيم دائمة أو مركز للتحكيم يوجد مقره داخل جمهورية مصر العربية او خارجها.

3- إذا كان موضوع النزاع الذي يشمله أتفاق التحكيم يرتبط بأكثر من دولة.                                                      4- إذا كان المركز الرئيسي لأعمال كل من طرفي التحكيم يقع في الدولة نفسها وقت أبرام أتفاق التحكيم وكان أحد الاماكن الآتية واقعا خارج هذه الدولة:.

أ ـ مكان اجراء التحكيم كما يعينه أتفاق التحكيم واشار الى كيفية تعيينه .

ب ـ مكان تنفيذ جانب جوهري من الالتزامات الناشئة الى العلاقات التجارية بين طرفين  .                          ج ـ المكان الاكثر أرتباطا بموضوع النزاع .

[54] في حين ان القانون الأستثماري الكوردستاني بين في م(17)منه ان التحكيم هو طريق أستثنائي لايتم اللجوء اليه إلا بعد تعذر الحل الودي ، وفي حالة اللجوء اليه فيطبق أحكام التحكيم المنظمه في القوانين الداخليه او في القوانين والأتفاقيات الدوليه إذ نصت هذه المادة على ان “تحل المنازعات الأستثماريه وفق العقد المبرم بين الطرفين وعند عدم وجود فقره فيه بهذا الخصوص تحل بطريقه وديه وبتراضي الطرفين،وفي حالة تعذر الحل الودي يجوز للطرفين اللجوء الى التحكيم المبينة أحكامه في القوانين المرعية في الأقليم أوْ وفقاً لأحكام تسوية المنازعات الواردة في أي من الأتفاقيات الدوليه او الثنائيه التي يكون العراق طرفاً فيها “.

[55] الأتفاقية الأوربية للتحكيم التجاري الدولي لسنة 1961 على الموقع الالكتروني                                                  http/www.jus.uio.no/lm/europe.international.commercial.arbitration.convention.genev.1961/doc

[56] ينظر أتفاقية واشنطن لتسوية نزاعات الأستثمار على الموقع الالكتروني                                     http/www.law.berkeley.edu/facalty/ddcaron/documents/rpid%20documents/rpo4012h.

الطبيعة القانونية للتحكيم في عقود الأستثمارات الأجنبية وتمييزه عما يشتبه به

 

لتوضيح الشكل القانون للتحكيم في عقود الأستثمارات الأجنبية فأننا سنبين الطبيعة القانونية من جهه وتحديد ما يميزه مما عداه من أوضاع قانونيه أخرى تقترب معه في الغايه او النتيجه من جهة أخرى،

تقوم الطبيعة القضائية للتحكيم في عقود الأستثمارات الأجنبية على تغليب المهمة التي يقوم بها المحكم الأستثماري والغرض من هذا النظام من دون الوقوف عند أتفاق الأطراف فقط ، وهو ما رآه بعض من الفقه الذين ذهبوا الى لزوم تغليب المعايير الموضوعية المتمثله بالمهمه

التي توكل الى المحكم الأستثماري والغرض من نظام التحكيم في عقود الأستثمار على المعايير الشكلية[1]، ومن ثم فأن تناول المحكم في مجال الأستثمار المنازعة وبيان كيفية حلها هو ما يحدد طبيعة المهمه التي يقوم بها التي يمكن ان يوصف تبعاً لها كقاضي يتم اختياره قبل الأطراف ليقول حكم القانون ، كما أن أتفاق التحكيم في عقود الأستثمارات الأجنبية وان مَثَل الاداة المنشأة لهذا النظام ، فان ذلك لا يؤثر على اصل وظيفة المحكم في الأستثمار الأجنبي وكونها وظيفة قضائية كما أنه لا يغير من طبيعتها خاصة وان الارادة يمكن ان تلعب ادواراً متعددة أمام قضاء الدولة من دون ان يؤدي ذلك الى نفي الطابع القضائي لهذا الاخير، ومثال ذلك رفع الدعوى بالارادة المنفردة والأتفاق على اختصاص محكمة أخرى والأتفاق على رفع النزاع أمام محاكم دولة أخرى[2].

فضلاً عن ان التحكيم في عقود الأستثمار يستجمع عناصر العمل القضائي الثلاثة والمتمثله الادعاء والمنازعة والعضو وان المحكم الأستثماري يعد قاضياً بحكم وظيفته وهي الفصل في المنازاعات ،ولا يستمد سلطته من عقد التحكيم وحده ، وانما من أرادة المشرع التي تعترف به، إذ ان ارادة الافراد لا تكفي لخلق التحكيم لولا منح المشرع لهذه الصفة[3].

ويرى الأستإذ أحمد أبو الوفا بأن الصفة القضائية هي التي تتغلب على التحكيم بقوله “إذا كان التحكيم يبدأ بعقد فهو ينتهي بحكم، و إذا كان يخضع لقواعد القانون المدني من إذ انعقاده فأنه يخضع لقواعد قانون المرافعات من إذ اثاره و نفإذه و أجراءاته وإذا كان يبطل بما تبطل به العقود فأن حكمه يطعن فيه في كثير من التشريعات كما يطعن بالأحكام وينفذ كما تنفذ الأحكام “[4].

ولقد وجهت لهذا الأتجاه أنتقادات عدةٍ من أبرزها أن هناك فرق بين القاضي والمحكم في مجال الأستثمار فمهمة القاضي ليست فصل النزاع فحسب ،بل له سلطة ولائية ” الجبر

[1]  يقصد بالمعايير الشكلية الصيغه القانونية التي ينشأ بها الالتزام وهو هنا أتفاق التحكيم في عقود الأستثمار الأجنبي ، أي أن حكم المحكم الأستثماري يستمد قوته من أتفاق التحكيم في الأستثمار فقط بمعزل عن طبيعة المهمة الملقات على عاتقه  د. فتحي والي ، مبادئ قانون القضاء المدني ، منشأة المعارف، الاسكندرية، 1975، ص75 .

Pevichicru Bellin ، Larbitrage Nature Jurdique Droit Anterne Et Droit Intern- ational ، Paris ، 1966، p.105.E t Motulsqy (Henru) ، Ecrits Etudes Etnotsur ،Larb

rirrage ،Dalloz.Paris،1960 ،p، 9 .

ود. فتحي والي ، مصدر سابق ،ص73  ود.أحمد ابو الوفا ، التحكيم الاختياري والاجباري ، مصدر سابق ، ص19  ود. نبيل اسماعيل عمر ، مصدر سابق ، ص33 .

[3] د. أحمد ابو الوفا ، مصدر سابق ، ص20 .

[4]  نقلاً عن  د. أحمد ابو الوفا ،التحكيم الاختياري والاجباري ، مصدر سابق ،ص18 .

والأمر”بخلاف المحكم في مجال الأستثمار الذي يقصر دوره على حل النزاع المعين ويمنح مهمة القاضي بصفة مؤقتة وبخصوص نزاع معين ، هذا فضلاً عن ان القواعد المنظمة للقضاء لا تطبق على التحكيم في مجال الأستثمار الأجنبي. إذ ان القواعد التي يخضع لها الاخير مغايرة عن تلك التي يخضع لها القضاء[1].

ويبدو أن الرأي القائل بأعتبار التحكيم في عقود الأستثمارات الأجنبية عملاً قضائياً يجد ما يعززه فيما قرره قانون المرافعات الفرنسي لسنة 1981، من وجوب تسبيب أحكام المحكمين الأستثماريين وتضمينها بيانات معينه كما في الأحكام القضائية ، فضلاً عن أعترافه لها بقوة الأمر المقضي فقد نصت م(1471) منه وبغير تحفظ على ضرورة تسبيب أحكام التحكيم في مجال الأستثمار الأجنبي ، ونصت م(1472) على البيانات التي يجب أن يشتمل عليها حكم التحكيم في عقود الأستثمار وإلا تعرض للبطلان كما نصت م(1476) على تمتع الأخير بقوة الأمر المقضي بمجرد صدوره مما حدا بالبعض الى القول بأن المشرع الفرنسي قد أضفى على أحكام التحكيم في عقود الأستثمارات الأجنبية طابعاً قضائياً سواء من إذ الشكل او من إذ الاثار.[2]

ومما تجدر الاشارة إليه أن القضاء الفرنسي قد أخذ بالطبيعة القضائية في بعضٍ من الأحكام الصادرة عنه إذ قضت محكمة النقض الفرنسية في حكمها الصادر في 12/4/1979  بأن “حكم المحكم يشبه الحكم القضائي من إذ اكتسابه الحجية من صدوره ومن إذ جواز إستئنافه منذ صدوره من دون انتظار لاعطاءه الصيغة التنفيذية “[3].

[1] د. عبد الباسط عبد الواسع الضراسي ، النظام القانوني لأتفاق التحكيم ، ط1 ، المكتب الجامعي الحديث ، الاسكندرية ،2003 ، 36 .

[2] د. حسني المصري ، مصدر سابق ،ص14 .

[3] وكذلك قررت محكمة النقض الفرنسية في حكمها الصادر في ابريل عام 1945 بأن أطراف الخصومة الأستثمارية بألتجائهم الى التحكيم في عقود الأستثمارات الأجنبية انما يعبرون عن أرادتهم في إعطاء المحكم الأستثماري سلطة قضائية إذا أنه عدل عن الطبيعة التعاقدية بعد ذلك و لجأ الى الطبيعة القضائية ينظر د. مصطفى محمد الجمال و د. عكاشة عبد العال ، مصدر سابق ، ص43.

من اجل أتمام عملية التحكيم وتحقيق الغرض الرئيسي الذي من اجله لجأ الأطراف في عقود الأستثمارات الأجنبية اليه وهو سرعة الفصل في المنازعات الأستثمارية ،فيجب على الأطراف الأتفاق على التحكيم بصوره تجعله مستوفياً لجميع الشروط القانونيه،فإذا ما أنتهوا من ذلك وجب تعيين المحكمين ،وذلك ضمن الشروط التي تؤهلهم للفصل في موضوع النزاع الأستثماري ، وتحديد القانون الواجب التطبيق في حالة حصول نزاع أثناء القيام بعملية التحكيم .

لكي يتمكن أطراف النزاع من اللجوء الى التحكيم لابد من أن يتفقوا على ذلك، فهذا الأتفاق هو الذي ينقل الفصل في النزاع من يد القضاة العادييين الى يد اشخاص آخرين يختارونهم اي الى المحكمين.

ويعرف أتفاق التحكيم بأنه “الأتفاق على طرح النزاع على اشخاص ليفصلوا فيه من دون المحكمة المختصه”[1] .

أو هو” ذلك العقد الذي يتفق الأطراف بمقتضاه على عرض النزاع القائم فعلاً  او النزاع الذي قد ينشأ في المستقبل بمناسبة تنفيذ عقد معين على محكم من اختيارهم”[2].

وكذلك يعرف بأنه “عقد يتفق فيه الطرفان المتعاقدان على التنازل عن مراجعة القضاء العادي والاحتكام الى شخص عادي أوْ اكثر للفصل في النزاع المحتمل أوْ نزاع قائم بينهما”[3].

وقد عرفه القانون النموذجي الذي وضعته لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري في م (7) ف (1) منه بأنه “أتفاق بين الطرفين على ان يحيلا الى التحكيم جميع أوْ بعض المنازعات المحددة التي نشأت ،أوْ قد تنشأ بينهما بشأن علاقة قانونية محددة تعاقدية كانت أوْ غير تعاقدية ويجوز أن يكون أتفاق التحكيم في صورة شرط التحكيم الوارد في عقد ،أوْ في صورة أتفاق منفصل”[4]

كما بينت م(1447) من قانون المرافعات الفرنسي النافذ المقصود بأتفاق التحكيم التي نصت على أنه “عقد يحيل بموجبه أطراف نزاع ناشيء هذا النزاع الى تحكيم شخص أوْ اشخاص عدة “، وكذلك قانون المرافعات الهولندي الصادر في 1986 في نص م(1020) ف (2) منه والتي نصت على أنه “يقصد بالعقد التحكيمي الأتفاق التحكيمي الذي يلتزم الأطراف بموجبه على احالة نزاع ناشيء فيما بينهما على التحكيم ….”

ونصت م (10) ف (1) من قانون التحكيم المصري أن المقصود بأتفاق التحكيم هو ” أتفاق الطرفين على الالتجاء لتسوية بعض أوْ كل المنازعات التي نشأت أوْ التي يمكن أن تنشأ بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية أوْ غير عقدية”.

ويلاحظ على التعاريف اعلاه أنها تعاريف قد اتسمت بالعموميه في بيان المقصود بأتفاق التحكيم من دون حصره أو تحديده فيما يخص عقود الأستثمارات الأجنبية ، خاصةً وان اغلب القوانين المتعلقه بالأستثمار قد اقتصرت في تحديد مفهوم التحكيم فيما خص النزاعات الناشئه عن الأستثمار من خلال نصها على جواز اللجوء اليه لحلها،من دون الولوج في تفاصيل هذا الأمر تاركةً ذلك الى المبادىء العامه التي تحكمه مع ألاخذ بنظر ألاعتبار خصوصية هذه العقود.

هذا من جهه ومن جهه أخرى فقد ابتعدت تشريعات أخرى عن وضع تعريف لأتفاق التحكيم اخذاً بالأتجاه القائل أن التعريفات هي من عمل الفقه لا المشرع[5].

هذا وتشترط معظم القوانين أن يكون أتفاق التحكيم مكتوباً ولكنها اختلفت حول شكل الكتابة المطلوبة حول ما إذا كانت شرطاً لصحة أتفاق التحكيم أوْ أنها لمجرد الإثبات.

فبعض القوانين التي اشترطت كتابة أتفاق التحكيم نصت على أن الكتابة تعد شرطاً للإثبات وليست شرطاً لصحة هذا الأتفاق كما في القانون الدولي الخاص السويسري إذ نصت م (178) ف (1) منه على ان “يكون أتفاق التحكيم صحيحاً من إذ الشكل إذا أبرم كتابة،أوْ بالتلغراف،أوْ التلكس، أوْ الفاكس ،أوْ أي وسيلة اتصال أخرى تسمح بالإثبات “.

وفي قانون المرافعات الفرنسي النافذ نصت م (1443) منه على أنه” يجب أن يكون شرط التحكيم مكتوباً في العقد الأصلي أوْ في مستند يحيل إليه هذا العقد وإلاّ كان باطلاً”.

ويلاحظ أن المشرع الفرنسي قد اشترط كتابة شرط التحكيم  فقط في مجال التحكيم الداخلي من دون التحكيم الدولي الذي يمكن أن يطبق على عقود الأستثمارات الأجنبية على اعتبار أن هذه العقود هي من العقود الدوليه وهو ما يثير التساؤل عما إذا كانت ذات القاعده تنطبق على أتفاق التحكيم في مجال التحكيم الدولي أمْ لا؟

للإجابة عن هذا التساؤل يلاحظ ، بداية ، أن م (1495) من قانون المرافعات الفرنسي النافذ قد نصت على أنه “عندما يكون التحكيم الدولي خاضعاً للقانون الفرنسي لا تنطبق نصوص الباب ألاول والثاني والثالث،إلاّ إذا اتفق الأطراف على خلاف ذلك” وهذا يعني أستطاعت الأطراف اخضاع  أتفاق التحكيم لنصوص هذا القانون المتعلق بالتحكيم الداخلي وكذلك أستبعاده متى ما أتفقوا على هذا الأمر، وعليه فأن شرط الكتابة في القانون الفرنسي لا تسري على الأطراف في العقود الدولية بصورة عامة وعقود الأستثمار بصورة خاصة إلاّ إذا اتفقوا على ذلك[6].

اما بالنسبة للمشرع الهولندي فقد نص في قانون المرافعات المدنية في م (1021) منه على أنه “يجب إثبات العقد التحكيمي كتابةً….” ، مما يفهم معه أن المشرع الهولندي قد نص صراحةً على أن الكتابة هي شرط للإثبات وليس للصحة ، وهذا يعني أن أتفاق التحكيم ينعقد صحيحاً في حالة تخلف شرط الكتابة.  وعلى النهج نفسه سار المشرع العراقي في قانون المرافعات النافذ إذ نصت م(252) منه على أنه” لا يثبت الأتفاق على التحكيم الا بالكتابة”[7].

أما فيما يخص المشرع المصري فيلاحظ أنه قد رتب على تخلف الكتابة بطلان الأتفاق وذلك ما قررته م (12) من قانون التحكيم النافذ التي نصت بأنه  “يجب أن يكون أتفاق التحكيم مكتوباً وإلاّ كان باطلاً”[8].

وإذا يممنا النظر صوب الأتفاقيات الدولية التي عالجت أمر التحكيم فيما خص العقود التجارية الدولية عموماً وعقود الأستثمارات الأجنبية بشكل خاص ، فيبدو لنا جلياً مسلك معظمها في إشتراط كتابة أتفاق التحكيم ، وأن لم تحدد شكلاً معيناً لهذه الكتابة فيما إذا كانت شرطاً لازماً في عقد الأستثمار الأجنبي عند أبرامه أم مشارطة لاحقة على هذا الابرام ، مما يقتضي معه أمكانية عد شرط الكتابه لأتفاق التحكيم هو شرط لإثبات هذا الأتفاق من دون المساس بصحته فقد نصت م (2) ف(1) من أتفاقية نيويورك الخاصة بتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية الصادرة في 1958 على أنه ” تعترف كل دولة متعاقدة بالأتفاق المكتوب الذي يلتزم الأطراف بمقتضاه أن يخضعوا للتحكيم كل أوْ بعض المنازعات التي نشأت ،أوْ التي يمكن أن تنشأ بينهم”.

كما وبينت ف (2) من المادة نفسها على أن “المقصود بالأتفاق المكتوب هو شرط التحكيم المدرج في العقد او أتفاق التحكيم الموقع عليه من الأطراف أوْ الأتفاق الذي تضمنه الخطابات والبرقيات المتبادلة بينهم”.[9]

وهذا يعني أن الأتفاقية المذكورة تتطلب أن يكون أتفاق التحكيم مكتوباً حتى تقره الدول الاعضاء وتعترف به، وبحيث أن هذه الدول لا تكون ملزمة بالاعتراف بأتفاق التحكيم ما لم يكن هذا الأتفاق مكتوباً.

اما بالنسبة للأتفاقية الأوربية للتحكيم التجاري الدولي الصادرة في 1961 فقد نصت م (1) ف(2) منها على أنه “يقصد بأتفاق التحكيم، شرط التحكيم أوْ أتفاق التحكيم الموقع عليه الأطراف المتضمن في رسائل متبادلة بينهم، أوْ برقيات ،أوْ تلكسات، وفي العلاقات بين الدول التي لاتفرض قوانينها الشكل المكتوب كل أتفاق مبرم في الأشكال التي تقرها هذه القوانين”.

مما يستنتج منه ان الأتفاقية المذكورة اعلاه وإن تطلبت من حيث المبدأ أن يكون أتفاق التحكيم مكتوباً، بيد أنها لم تستلزم أن يتخذ الأتفاق شكلاً معيناً وأنما اجازت أن يتخذ شكل شرط وارد في العقد أوْ أتفاق تحكيم موقع عليه من الأطراف وارد في رسائل ،أوْ خطابات، أوْ فاكسات متبادلة بينهم وذلك على نهج أتفاقية نيويورك لعام 1958 نفسها.

في حين اكتفت أتفاقية واشنطن لتسوية منازعات الأستثمار الصادره في 1965 بالنص في م (5) ف (1) منها على ان” يكون أتفاق الأطراف على الخضوع للتحكيم لدى المركز الدولي مكتوبا ً”[10] من دون أن تتضمن الأتفاقية أي بيان يتعلق بشكل الكتابة المطلوبة في أتفاق التحكيم.

ويبدو أن الأتجاه الذي يشترط الكتابة للإثبات وليس للصحة هو الأقرب للدقة ذلك لأن عد الكتابة شرطاً للإثبات يمنع امكانية إثباته بالشهادة أوْ القرائن القانونية الأخرى من اجل أن لايتعرض أتفاق التحكيم وبنوده الى اختلاف شهادة الشهود على اعتبار ان المحكمين هم بمثابة قضاة ، فلا يجوز ان يكون ادنى شك في طبيعة المهمه التحكيميه التي يجب عليهم القيام بها،ومن ثم تحقيق الغرض المنشود من التحكيم بضمان السرعة والائتمان وتحقيق العدالة وهذا ما يتناسب مع عقود الأستثمارات الأجنبية .

[1] د. أحمد ابو الوفا ، التحكيم في القوانين العربية ، ط1، منشأة المعارف ، الاسكندرية ، من دون سنة طبع، ص11.

[2] د. عبد الباسط عبد الواسع الضراسي ، مصدر سابق ،ص63.

[3] خالد عزت المالكي، مصدر سابق ، ص25.

[4] ينظر القانون النموذجي منشور على شبكة الانترنيت باللغة الانكليزية على الموقع.

http / www.jus.uio/im/un.arbtiration.model.law.1985.doc.

[5] اخذ بهذا الأتجاه القانون الدولي الخاص السويسري لسنة 1978، وقانون التحكيم السعودي لسنة 1987 و قانون التحكيم الاردني لسنة 2001  وقانون اصول المحاكمات المدنية السوري لسنة 1952 وقانون المرافعات المدنية والتجارية القطري لسنة 1990.

Rene Pavid، op.Cit،P.89                                                                                                  [6]

[7] وهذا ما اكدته محكمة التميز العراقية وذلك في قرارها المرقم 363/ مدنية اولى/ 1974 في 5/7/1975 بقولها “للتحكيم في القانون نوع واحد وأن الشرط الوحيد لوجوده وترتيب آثاره هو ان يكون ثابتاً بالكتابة”منشور في مجموعة الأحكام العدلية ،العدد الثالث ، السنة السادسة ،ص117.

[8] ينظر بالأتجاه ذاته م (10) من قانون التحكيم السعودي وم(6)  من قانون التحكيم التونسي وم (766) من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني وم (509) من قانون اصول المحاكمات المدنية السوري.

[9] ينظر أتفاقية نيويورك لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية لسنة 1965 ، مشار اليها في مؤلف د. عبد الحميد الأحدب ، وثائق تحكيمية ، مصدر سابق ، ص561 .

[10] ينظر هذه الأتفاقية منشورة على شبكة الانترنيت على الموقع

http:/www.law.berkeley.edu/faculty/ddcaon/documents/RPID%z0

 

اظهر المزيد
google.com, pub-3568495287399510, DIRECT, f08c47fec0942fa0

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى